كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


<تنبيه> ما ذكر من معنى هذا الحديث في غاية الظهور وقد قرر بعض موالي الروم تقريراً يمجه السمع وينبو عنه الطبع فقال‏:‏ المعنى أن من أفزع مؤمناً وخوفه بأن قال له لم تؤمن باللّه أي ما صدر منك الإيمان المنجي ولا ينفعك هذا الإيمان والحال أنه آمن باللّه روّعته يوم القيامة أي أكون خصمه وأخوفه بالنار يوم القيامة قال‏:‏ وهذا على تقدير ‏[‏ص 140‏]‏ أن يكون كلمة في قوله لم يؤمن باللّه للنفي كما هو الظاهر ويحتمل أن يكون للاستفهام أي أتعلم لأي شيء تؤمن باللّه‏؟‏ والإيمان باللّه لا بد أن يكون على وجه يعتد به في الآخرة ولا فائدة في إيمانك هذا وقوله لم يؤمن باللّه يجوز أن يكون بالتاء الفوقية والياء التحتية إلى هنا كلامه، وهو عجب ‏(‏ومن سعى بمؤمن‏)‏ إلى سلطان ليؤذيه ‏(‏أقامه اللّه تعالى مقام ذل وخزي يوم القيامة‏)‏ فالسعاية حرام بل قضية الخبر أنها كبيرة وأفتى ابن عبد السلام في طائفة بأن من سعى بإنسان إلى سلطان ليغرمه شيئاً فغرمه رجع به على الساعي كشاهد رجع وكما لو قال هذا لزيد وهو لعمر ولكن الأرجح عند الشافعية خلافه لقيام الفارق وهو أنه لا إيجاب من الساعي شرعاً‏.‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ بن مالك ثم قال أعني البيهقي‏:‏ تفرد به مبارك بن سحيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس ومبارك هذا أورده الذهبي في المتروكين وقال‏:‏ قال أبو زرعة‏:‏ ما أعرف له حديثاً صحيحاً وعبد العزيز ضعفه ابن معين وغيره‏.‏

8715 - ‏(‏من زار قبري‏)‏ أي من زارني في قبري فقصد البقعة نفسها ليس بقربة كذا ذكره السبكي في الشفاء وحمل عليه ما نقل عن مالك من منع شد الرحل لمجرد زيارة القبر من غير إرادة إتيان المسجد للصلاة فيه ‏(‏وجبت‏)‏ أن حقت وثبتت ولزمت ‏(‏له شفاعتي‏)‏ أي سؤالي اللّه له أن يتجاوز عنه قال السبكي‏:‏ يحتمل كون المراد له بخصوصه بمعنى أن الزائرين يخصون بشفاعة لا تحصل لغيرهم عموماً ولا خصوصاً، أو المراد يفردون بشفاعة عمل يحصل لغيرهم ويكون إفرادهم بذلك تشريفاً وتنويهاً يحسب الزيادة، أو المراد ببركة الزيارة يجب دخولهم في عموم من تناله الشفاعة، وفائدة البشرى بأنه يموت مسلماً وعليه يجب إجراء اللفظ على عمومه إذ لو أضمر فيه شرط من الوفاة على الإسلام لم يكن لذكر الزيارة معنى إذ الإسلام وحده كاف في نيلها وعلى الأولين يصح هذا الإضمار، والحاصل أن أثر الزيارة إما الموت على الإسلام مطلقاً لكل زائر وإما شفاعة تخص الزائر أخص من العامة وقوله شفاعتي في الإضافة إليه تشريف لها إذ الملائكة وخواص البشر يشفعون، فللزائر نسبة خاصة فيشفع هو فيه بنفسه والشفاعة تعظم بعظم الزائر وفي ثبوت لفظة الزيارة رد على مالك حيث كره أن يقال زرنا قبر النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم‏.‏

- ‏(‏عد هب‏)‏ وكذا الدارقطني ‏(‏عن ابن عمر‏)‏ بن الخطاب قال ابن القطان‏:‏ وفيه عبد اللّه بن عمر العمري قال أبو حاتم‏:‏ مجهول وموسى بن هلال البصري قال العقيلي‏:‏ لا يصح حديثه ولا يتابع عليه، وقال ابن القطان‏:‏ فيه ضعيفان‏.‏ وقال النووي في المجموع‏:‏ ضعيف جداً‏.‏ وقال الغرياني‏:‏ فيه موسى بن هلال العبدي قال العقيلي‏:‏ لا يتابع على حديثه‏.‏ وقال أبو حاتم‏:‏ مجهول‏.‏ وقال السبكي‏:‏ بل حسن أو صحيح‏.‏ وقال الذهبي‏:‏ طرقه كلها لينة لكن يتقوى بعضها ببعض قال ابن حجر‏:‏ حديث غريب خرجه ابن خزيمة في صحيحه‏.‏ وقال في القلب في سنده شيء وأنا أبرأ إلى اللّه من عهدته قال أعني ابن حجر‏:‏ وغفل من زعم أن ابن خزيمة صححه وبالجملة فقول ابن تيمية موضوع غير صواب‏.‏

8716 - ‏(‏من زارني بالمدينة‏)‏ في حياتي أو بعد وفاتي ‏(‏محتسباً‏)‏ أي ناوياً بزيارته وجه اللّه وثوابه، وقيل له محتسباً لاعتداده بعمله فجعل حال مباشرته الفعل كأنه معتد به والاحتساب طلب الثواب كما سبق ‏(‏كنت له شهيداً وشفيعاً‏)‏ أي شهيداً للبعض وشفيعاً لباقيهم أو شهيداً للمطيع شفيعاً للعاصي وهذه خصوصية زائدة على شهادته على جميع الأمم وعلى شفاعته العامة وفي رواية لمسلم كنت له شفيعاً أو شهيداً، وأو فيه بمعنى الواو للتقسيم كما تقرر وجعلها للشك رده عياض، قال ابن الحاج‏:‏ والمراد أنه شهيد له بالمقام الذي فيه الأجر ‏(‏يوم القيامة‏)‏ مكافأة له على صنيعه قالوا‏:‏ وزيارة قبره الشريف من كمالات الحج بل زيارته عند الصوفية فرض وعندهم الهجرة إلى قبره كهي إليه حياً، قال الحكيم‏:‏ زيارة قبر المصطفى صلى اللّه عليه وسلم هجرة المضطرين هاجروا إليه فوجدوه مقبوضاً فانصرفوا فحقيق أن لا يخيبهم بل يوجب لهم شفاعة تقيم حرمة زيارتهم‏.‏‏[‏ص 141‏]‏

- ‏(‏هب عن أنس‏)‏ بن مالك رمز المصنف لحسنه وليس بحسن ففيه ضعفاء منهم أبو المثنى سليمان بن يزيد الكعبي قال الذهبي‏:‏ ترك وقال أبو حاتم‏:‏ منكر الحديث‏.‏

8717 - ‏(‏من زار قبر والديه‏)‏ لفظ رواية الحكيم أبويه ‏(‏أو أحدهما يوم الجمعة فقرأ عنده يس‏)‏ أي سورتها ‏(‏غفر له‏)‏ ذنوبه والظاهر المنقاس أن المراد الصغائر وزاد في رواية وكتب براً بوالديه أي كان براً بهما غير عاق مضيع حقهما فعدل عنه إلى قوله كتب لمزيد الإثبات وأنه من الراسخين فيه مثبت في ديوان الأبرار ومنه قوله تعالى ‏{‏فاكتبنا مع الشاهدين‏}‏ اي اجعلنا في زمرتهم قال بعض موالي الروم‏:‏ وتخصيص يوم الجمعة بالذكر إما أن يكون اتفاقياً إن كانت المغفرة لقراءة يس سواء قرئت على القبر في يوم جمعة أو غيرها وإما أن يكون قصدياً إن كان سبب المغفرة قراءة يس على القبر في يوم الجمعة دون غيرها لا يقال قصد الزائر بقراءتها على قبرهما نفع والديه ومغفرتهما، والحديث إنما دل على المغفرة للزائر فقط لأنا نقول الظاهر إنما غفر له لكونه سبباً لحصول المغفرة بهما فدل على مغفرتهما بالأولى وقوله والديه أو أبويه من باب التغليب‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ عن محمد بن الضحاك عن يزيد بن خالد الأصبهاني عن عمر بن زياد عن يحيى بن سليم الطائفي عن هشام عن أبيه عن عائشة ‏(‏عن‏)‏ أبيها ‏(‏أبي بكر‏)‏ الصديق ثم قال ابن عدي‏:‏ هذا الحديث بهذا الإسناد باطل وعمرو متهم بالوضع اهـ‏.‏ ومن ثم اتجه حكم ابن الجوزي عليه بالوضع وتعقبه المصنف بأن له شاهداً وهو الحديث التالي لهذا وذلك غير صواب لتصريحهم حتى هو بأن الشواهد لا أثر لها في الموضوع بل في الضعيف ونحوه‏.‏

8718 - ‏(‏من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة مرة غفر اللّه له‏)‏ ذنوبه ‏(‏وكتب براً‏)‏ بوالديه، وقضية قوله كل اشتراط المداومة لحصول المغفرة فإما أن يحمل إطلاق الحديث الذي قبله عليه وإما أن يقال إن الزيارة في جمعة واحدة سبب حصول المغفرة والمداومة شرط لكتابته براً مع المغفرة وظاهر الحديث أن حصول المغفرة والكتابة براً وإن لم يقرأ يس فإما أن يحمل إطلاقه على الحديث الأول أو يقال إن ما يقاسيه الزائر من نصب إدامة الزيارة كل جمعة يوجب المغفرة والكتابة وإن لم يقرأ يس والفضل للمتقدم وفي رواية لأبي الشيخ والديلمي عن أبي بكر من زار قبر والديه كل جمعة أو أحدهما فقرأ عنده يس والقرآن الحكيم غفر له بعدد كل آية وحرف منها‏.‏ وهنا سؤال هو أن تحصيل الحاصل محال فإذا حصلت المغفرة بحرف فما الذي يكفره بقية الحروف، وأجيب بأن كل حرف يكفر البعض فيكون من قبيل قولهم إذا قوبل الجمع بالجمع تنقسم الآحاد وزعم أنه إنما يصح إذا تساوى عدد الذنوب والحروف يرده أنه يمكن أن يقابل البعض من غير نظر إلى الأفراد كواحد بثلاثة مثلاً وفي رواية لأبي نعيم من زار قبر والديه أو أحدهما يوم الجمعة كان كحجة، قال السبكي‏:‏ والزيارة لأداء الحق كزيارة قبر الوالدين يسن شد الرحل إليها تأدية لهذا الحق‏.‏

- ‏(‏الحكيم‏)‏ الترمذي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ ورواه الطبراني عنه بلفظه لكنه قال وكان براً وزاد بعد قوله أحدهما سنة قال الهيثمي‏:‏ وفيه عبد الكريم أبو أمية ضعيف وقال العراقي‏:‏ رواه الطبراني وابن أبي الدنيا من رواية محمد بن النعمان يرفعه وهو معضل ومحمد بن النعمان مجهول وشيخه يحيى بن العلاء متروك وروى ابن أبي الدنيا من حديث ابن سيرين أن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو اللّه لهما من بعدهما فيكتبه اللّه من البارين فقال العراقي‏:‏ مرسل صحيح الإسناد‏.‏

8719 - ‏(‏من زار قوماً فلا يؤمهم‏)‏ أي لا يصلي بهم إماماً في موضعهم فيكره بغير إذنهم ‏(‏وليؤمهم‏)‏ ندباً ‏(‏رجل منهم‏)‏ حيث كان في المزورين من هو أهل للإمامة فالساكن بحق أولى بالإمامة من غيره كزائره ولا ينافيه خبر البخاري عن عتبة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم زاره وأمَّه ببيته لأنه بإذن عتبة ولأن الكلام في غير الامام الأعظم قال الزين العراقي‏:‏ وعموم ‏[‏ص 142‏]‏ الحديث يقتضي أن صاحب المنزل يقدم وإن كان ولد الزائر وهو كذلك قال‏:‏ وقضية التعبير بالقوم الذي هو للرجال أن الرجل إذا زار النساء يؤمهن إذ لا حق لهن في إمامة الرجال‏.‏

- ‏(‏حم د ت‏)‏ وكذا النسائي والبيهقي في السنن كلهم من حديث أبي عطية وهو العقيلي مولاهم ‏(‏عن مالك بن الحويرث‏)‏ قال‏:‏ كان مالك بن الحويرث يأتينا في مصلانا نتحدث فحضرت الصلاة يوماً فقلنا يتقدم بعضكم حتى أحدثكم لم لا أتقدم سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول فذكره قال الترمذي‏:‏ حسن وتبعه المؤلف فرمز لحسنه وتعقبه الذهبي فقال‏:‏ هذا حديث منكر وأبو عطية مجهول‏.‏

8720 - ‏(‏من زرع زرعاً فأكل منه طير أو عافية‏)‏ أي كل طالب رزق ‏(‏كان له صدقة‏)‏ أي كان له فيما يأكله العوافي ثواب كثواب الصدقة تصدق بها في اختياره قال في الإتحاف‏:‏ والعافية السباع أو نحوها مما يرد المياه والزرع‏.‏

- ‏(‏حم‏)‏ وكذا الطبراني في الكبير من طريق أحمد ولعل المصنف أغفله ذهولاً ‏(‏وابن خزيمة‏)‏ في صحيحه ‏(‏عن خلاد بن السائب‏)‏ قال الهيثمي‏:‏ إسناده حسن‏.‏

8721 - ‏(‏من زنى خرج منه الإيمان‏)‏ إن استحل وإلا فالمراد نوره أو أنه صار منافقاً نفاق معصية لا نفاق كفر أو أنه شابه الكافر في عمله وموقع التشبيه أنه مثله في حل قتاله أو قتله وليس بمستحضر حال تلبسه به حلال من آمن به فهو كناية عن الغفلة التي جلبتها عليه الشهوة والمعصية تذهله عن رعاية الإيمان وهو تصديق القلب فكأنه نسي من صدق به أو أنه يسلب الإيمان حال تلبسه به فإذا فارقه عاد إليه أو المعنى خرج منه الحياء لأن الحياء من الإيمان كما مرّ في عدة أخبار صحاح وحسان أو هو زجر وتنفير فغلظ بإطلاق الخروج عليه لما أن مفسدة الزنا من أعظم المفاسد وهي منافية لمصلحة نظام العالم في حفظ الإنسان وحماية الفروج وصيانة الحرمات وتوقي العداوة والبغضاء بين الناس وغير ذلك ‏(‏فإن تاب تاب اللّه عليه‏)‏ أي قبل توبته فينبغي أن يبادر بالتوبة قبل هجوم هاذم اللذات فيكون قد باع أبكاراً عرباً أتراباً كأنهن الياقوت والمرجان بقذرات دنسات مسافحات أو متخذات أخدان وحور مقصورات في الخيام بخيثات مسبيات بين الأنام‏.‏

- ‏(‏طب عن شريك‏)‏ قال الحافظ في الفتح‏:‏ سنده جيد رمز لحسنه‏.‏

8722 - ‏(‏من زنى أو شرب الخمر نزع منه الإيمان‏)‏ أي كماله ‏(‏كما يخلع الإنسان القميص من رأسه‏)‏ أبرز المعقول بصورة المحسوس تحقيقاً لوجه التشبيه ولم يذكر التوبة لظهورها أو للتشديد والتهديد والتهويل وذلك لأن الخمر أم الفواحش والزنا يترتب عليه المقت من اللّه وقد علق سبحانه فلاح العبد على حفظ فرجه منه فلا سبيل إلى الفلاح بدونه فقال ‏{‏قد أفلح المؤمنون‏}‏ الآيات وهذا يتضمن أن من لم يحفظ فرجه لم يكن من المفلحين وأنه من الملومين العادين ففاته القلاح واستحق اسم العدوان ووقع في اللوم فمقاساة ألم الشهوة أيسر من بعض ذلك‏.‏

- ‏(‏ك‏)‏ في الإيمان من حديث عبد اللّه بن الوليد عن أبي حجيرة ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ قال الحاكم‏:‏ احتج مسلم بعبد الرحمن بن حجيرة وبعبد اللّه وأقره الذهبي في التلخيص وقال في الكبائر‏:‏ إسناده جيد‏.‏

8723 - ‏(‏من زنى زنى به‏)‏ بالبناء لما لم يسم فاعله ‏(‏ولو بحيطان داره‏)‏ يشير إلى أن من عقوبة الزاني ما لا بد أن ‏[‏ص 143‏]‏ يعجل في الدنيا وهو أن يقع في الزنا بعض أهل داره حتماً مقضياً، وذلك لأن الزنا يوجب هتك العرض مع قطع النظر عن لزوم الحد في الدنيا والعذاب في الآخرة فيكون سيئة ‏{‏وجزاء سيئة سيئة مثلها‏}‏ فيلزم أن يسلط على الزاني من يزني به بنحو حليلته ‏{‏واللّه عزيز ذو انتقام‏}‏ فإن لم يكن للزاني من يزني به أو يلاط به من نحو حليلة أو قريب عوقب بوجه آخر فقوله زني به من قبيل المشاكلة إلا أن قوله ولو بحيطان داره ينبو عنه، والظاهر أن المراد بالحيطان مزيد المبالغة ويحتمل الحقيقة بأن يحك رجل ذكره بجداره فينزل وكما أن الزنا يهتك العرض فكذا مسح الذكر بالجدار وتلوّثه بالمني، وعلم مما تقرر أن المراد من الزنا في قوله زني به مكافأة الزاني بهتك عرضه بالزنا، هبه لنفسه أو لشخص من أتباعه، والظاهر أن المرأة كالرجل فإذا زنت عوقبت بزنا زوجها وحصول الغيرة لها ووقوع الزنا في أبويها ونحوهما ورأيت في بعض التواريخ أن رجلاً حصره البول فدخل خربة فبال ثم تناول عظمة فاستجمر بها فبمجرد مسح ذكره بها أنزل فأخذها وعرضها على بعض أهل التشريح فقالوا‏:‏ إنها عظمة فرح امرأة، وفي هذه الأحاديث أن من زنى دخل في هذا الوعيد، هبه بكراً أو محصناً سواء كان المزني بها أجنبية أو محرمة بل المحرم أفحش وهبه أعزب أم متزوج لكن المتزوج أعظم ولا يدخل فيه ما يطلق عليه اسم الزنا من نظر وقبلة ومباشرة فيما دون الفرج ومس محرم لأنها من اللمم‏.‏

- ‏(‏ابن النجار‏)‏ في تاريخه ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك، ورواه عنه أيضاً الديلمي باللفظ المزبور‏.‏

8724 - ‏(‏من زنى‏)‏ بالتشديد ‏(‏أمة‏)‏ أي رماها بالزنا لا أنه زنى بها في الواقع وإلا لم يكن قوله ‏(‏لم يرها تزنى‏)‏ له فائدة ‏(‏جلده اللّه يوم القيامة بسوط من نار‏)‏ في الموقف على رؤوس الأشهاد أو في جهنم بأيدي الزبانية جزاءاً وفاقاً وقوله لم يرها تزنى جملة حالية من فاعل زنى أو من مفعوله والأمة أعم من كونها للقاذف أو لغيره قال المهلب‏:‏ أجمعوا على أن الحر إذا قذف عبداً أو أمة لم يجب عليه الحد ودل هذا الحديث على ذلك لأنه لو وجب عليه في الدنيا لذكره كما ذكره في الآخرة وإنما خص دلك بالآخرة تمييزاً للحر من المملوك اهـ‏.‏ ومن تعقب حكاية الإجماع بما ورد عن ابن عمر في أم الولد من أن قاذفها يحد فقد وهم لأن مراده به بعد موت السيد‏.‏

<تنبيه> قد أذنت هذه الأخبار بقبح الزنا وقد تظافر على ذلك أرباب الملل والنحل بل وبعض البهائم ففي البخاري أن قردة في الجاهلية زنت فرجمت وساقه الإسماعيلي مطولاً عن عمرو بن ميمون قال‏:‏ كنت باليمن في غنم لأهلي فجاء قرد مع قردة فتوسد يدها فجاء قرد أصغر منه فغمزها فسلت يدها من تحت رأس القرد سلاً رفيقاً وتبعته فوقع عليها وأنا أنظر ثم رجعت فجعلت تدخل يدها تحت خد الأول برفق فاستيقظ فرحاً فشمها فصاح فاجتمعت القردة فجعل يصيح ويرمى إليها فذهبت القردة يمنة ويسرة فجاءوا بذلك القرد فحفروا لهما حفرة فرجموهما وذكر أبو عبيدة في كتاب الخيل من طريق الأوزاعي أن مهراً نزى على امه فامتنع فأدخلت بيتاً وجللت بكساء فأنزى عليها فنزى فلما شم ريح أمه عمد إلى ذكره فقطعه من أصله بأسنانه‏.‏

- ‏(‏حم عن أبي ذر‏)‏ رمز لحسنه وفيه عبيد اللّه بن أبي جعفر أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ قال أحمد‏:‏ ليس بقوي‏.‏

8725 - ‏(‏من زهد في الدنيا‏)‏ واشتغل بالتعبد ‏(‏علمه اللّه بلا تعلم‏)‏ من مخلوق ‏(‏وهداه بلا هداية‏)‏ من غير اللّه ‏(‏وجعل بصيراً‏)‏ بعيوب نفسه ‏(‏وكشف عنه العمى‏)‏ أي رفع عن بصيرته الحجب فانجلت له الأمور فعرف الأشياء النافعة وضدها والظاهر أن المراد بالعلم علم طريق الآخرة كما يشير إليه كلام حجة الإسلام، قال الحجة‏:‏ والذي يبعث على الزهد ترك آفات الدنيا وعيوبها وقد أكثر الناس القول فيه ومنه قول بعضهم تركت الدنيا لقلة غنائها وكثرة عنائها وسرعة فنائها ‏[‏ص 144‏]‏ وخسة شركائها قال الإمام‏:‏ لكن يجيء من هذا رائحة الرغبة لأن من شكا فراق أحد أحب وصاله ومن ترك شيئاً لمكان الشركاء فيه أخذه لو انفرد به فالقول البالغ له أن الدنيا عدوة اللّه وأنت محبه ومن أحب أحداً أبغض عدوه ولأنها وسخة جيفة لكنها ضمخت بطيب وطرزت بزينة فاغتر بظاهرها الغافلون وزهد فيها العاقلون‏.‏

- ‏(‏حل‏)‏ في مناقب المرتضي ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين ورواه عنه أيضاً الديلمي وفيه ضعيف‏.‏

8726 - ‏(‏من ساء خلقه عذب نفسه‏)‏ باسترساله مع خلقه بكثرة الإنفعال والقيل والقال فلا تزال نفسه شكسة يائسة فقيرة كزة محتاجة وأما صاحب الخلق الحسن فقلبه في راحة لأن نفسه طيبة غنية وبينهما بون بعيد قلب معذب وقلب مستريح ‏(‏ومن كثر همه سقم بدنه‏)‏ مع أنه لا يكون إلا ما قدر ‏(‏ومن لاحى الرجال‏)‏ أي قاولهم وخاصمهم ونازعهم ‏(‏ذهبت كرامته‏)‏ عليهم وأهانوه بينهم ‏(‏وسقطت مروءته‏)‏ وفي المثل من لاحاك فقد عاداك قال الفضيل كما رواه عنه البيهقي في الشعب لا تخالط إلا حسن الخلق فإنه لا يأتي إلا بخير ولا تخالط سيء الخلق فإنه لا يأتي إلا بشر‏.‏ وقال أبو حازم‏:‏ سيء الخلق أشقى الناس به نفسه هي منه في بلاء ثم زوجته، ثم ولده‏.‏

- ‏(‏الحارث‏)‏ بن أبي أسامة في مسنده ‏(‏وابن السني وأبو نعيم‏)‏ كلاهما ‏(‏في الطب‏)‏ النبوي ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ وفيه سلام أو أبو سلام الخراساني قال الذهبي‏:‏ قال أبو حاتم‏:‏ متروك‏.‏

8727 - ‏(‏من سأل اللّه الشهادة بصدق‏)‏ قيد السؤال بالصدق لأنه معيار الأعمال ومفتاح بركاتها وبه ترجى ثمراتها ‏(‏بلغه اللّه منازل الشهداء‏)‏ مجازاة له على صدق الطلب وفي قوله منازل الشهداء بصيغة الجمع مبالغة ظاهرة ‏(‏وإن مات على فراشه‏)‏ لأن كلاً منهما نوى خيراً وفعل ما يقدر عليه فاستويا في أصل الأجر ولا يلزم من استوائهما فيه من هذه الجهة استواؤهما في كيفيته وتفاصيله إذ الأجر على العمل ونيته يزيد على مجرد النية فمن نوى الحج ولا مال له يحج به يثاب دون ثواب من باشر أعماله ولا ريب أن الحاصل للمقتول من ثواب الشهادة تزيد كيفيته وصفاته على الحاصل للناوي الميت على فراشه وإن بلغ منزلة الشهيد فهما وإن استويا في الأجر لكن الأعمال التي قام بها العامل تقتضي أثراً زائداً وقرباً خاصاً وهو فضل اللّه يؤتيه من يشاء فعلم من التقرير أنه لا حاجة لتأويل البعض وتكلفه بتقدير من بعد قوله بلغه اللّه فأعط ألفاظ الرسول صلى اللّه عليه وسلم حقها وأنزلها منازلها يتبين لك المراد وفيه ندب سؤال الشهادة بنية صادقة‏.‏

- ‏(‏م 4‏)‏ في الجهاد من حديث سهل بن أسعد بن سهل بن حنيف عن أبيه ‏(‏عن‏)‏ جده ‏(‏سهل بن حنيف‏)‏ بضم المهملة مصغراً ولم يخرجه البخاري واستدركه الحاكم فوهم وسهل هذا تابعي ثقة واسم أبيه أسعد صحابي ولد في حياة المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وسماه باسم جده لأمه بنت أبي أمامة أسعد بن زرارة وكناه بكنيته وجده سهل بن حنيف بن وهب الأوسي شهد بدراً وثبت يوم أحد وأبلى يومئذ بلاء حسناً وليس في الصحابة سهل بن حنيف غيره ومن لطائف إسناد الحديث أنه من رواية الرجل عن أبيه عن جده‏.‏

8728 - ‏(‏من سأل اللّه الجنة‏)‏ أي دخولها بصدق وإيقان وحسن نية ‏(‏ثلاث مرات قالت الجنة اللّهم أدخله الجنة ومن استعاذ من النار ثلاث مرات قالت النار اللّهم أجره من النار‏)‏ وهذا القول يحتمل كونه بلسان القال بأن يخلق اللّه ‏[‏ص 145‏]‏ فيها الحياة والنطق وهو على كل شيء قدير أو بلسان الحال وتقديره قالت خزنة الجنة من قبيل قوله تعالى ‏{‏واسأل القرية‏}‏ ويؤيده ذكر الجنة في قوله اللّهم أدخله الجنة وإلا لقالت اللّهم أدخله إياي ويحتمل كونه التفات من التكلم إلى الغيبة وكذا الكلام في قوله قالت النار وجاء في رواية ذكر العدد في الاستجارة من النار ثلاثا وحذفه في سؤال الجنة وهو تنبيه على أن الرحمة تغلب الغضب وعلى أن عذابه شديد ‏{‏إن اللّه شديد العقاب‏}‏ فيكفي في طلب الجنة السؤال الواحد بخلاف الاستجارة من النار قال السمهودي‏:‏ لك أن تقول ما الحكمة في تخصيص الثلاث مع أن الحسن بن سفيان روى عن أبي هريرة مرفوعاً ما سأل اللّه عز وجل عبد الجنة في يوم سبع مرات إلا قالت الجنة يا رب إن عبدك فلاناً سألني فأدخله وفي رواية لأبي يعلى بإسناد على شرط الشيخين ما استجار عبد من النار سبع مرات إلا قالت النار يا رب إن عبدك فلاناً استعاذ بك مني فأعذه وأدخله الجنة وفي رواية للطيالسي من قال أسأل اللّه الجنة سبعاً قالت الجنة اللّهم أدخله الجنة وفي رواية له إن العبد إذا أكثر مسألة اللّه الجنة قالت الجنة يا رب إن عبدك هذا سألنيك فأسكنه إياي ـ الحديث ـ‏.‏ وأجيب بأنه خص الثلاث في هذا الحديث لأنها أول مراتب الكثرة والسبعة في غيرها لأنها أول مراتب النهاية في الكثرة لاشتمالها على أقل الجمع من الأفراد وأقل الجمع من الأزواج‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في صفة أهل الجنة ‏(‏ن‏)‏ في الاستعاذة وفي يوم وليلة وكذا ابن ماجه في الزهد خلافاً لما يوهمه اقتصار المصنف على ذينك ‏(‏ك‏)‏ في باب الدعاء ‏(‏عن أنس‏)‏ بن مالك وقال‏:‏ صحيح وسكت عليه الذهبي وكذا رواه عنه ابن حبان في صحيحه بهذا اللفظ من هذا الوجه‏.‏

8729 - ‏(‏من سأل الناس‏)‏ نصب بنزع الخافض أو مفعول به ‏(‏أموالهم‏)‏ بدل اشتمال منه ‏(‏تكثراً‏)‏ مفعوله أي لتكثر ماله لا لحاجة ‏(‏فإنما يسأل جمر جهنم‏)‏ أي سبب للعقاب بالنار أو هي قطع عظيمة من الجمر حقيقة يعذب بها كمانع الزكاة لأخذه ما لا يحل أو لكتمه نعمة اللّه وهو كفران فإن شاء ‏(‏فليستقل منه‏)‏ أي من ذلك السؤال أو من المال أو من الجمر ‏(‏أو فليستكثر‏)‏ أي وإن شاء فليستكثر، أمر توبيخ وتهديد من قبيل ‏{‏فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر‏}‏ ومن ثم قالوا‏:‏ من قدر على قوت يوم لم يحل له السؤال والقياس أن الدافع إن علم بحاله أثم لإعانته على محرم إلا أن يجعله هبة لصحتها للغنى‏.‏

<فائدة> أخرج ابن عساكر أن مطرف بن عبد اللّه بن الشخير كان يقول لابن أخيه إذا كانت لك حاجة اكتبها في رقعة فإني أصون وجهك عن الذل‏.‏

يا أيها المبتغى نيل الرجال * وطالب الحاجات من ذي النوال

لا تحسبن الموت موت البلى * فإنما الموت سؤال الرجال

كلاهما موت ولكن ذا * أعظم من ذاك لذل السؤال

- ‏(‏حم م ه عن أبي هريرة‏)‏ ولم يخرجه البخاري‏.‏

8730 - ‏(‏من سأل‏)‏ الناس ‏(‏من غير فقر‏)‏ أي عن غير حاجة بل لتكثير المال ‏(‏فإنما‏)‏ في رواية فكأنما ‏(‏يأكل الجمر‏)‏ جعل المأكول نفس الجمر مبالغة في التوبيخ والتهديد والمراد أنه يعاقب بالنار وقد يجعل على ظاهره وأن ما يأخذه يطعمه في الآخرة على صورة الجمر كما يكوى مانع الزكاة بها، قال النووي‏:‏ اتفقوا على النهي عن السؤال بلا ضرورة وفي القادر على الكسب وجهان أصحهما أنها حرام لظاهر الحديث، والثاني يحل بشرط أن لا يذل نفسه ولا يلح في السؤال ولا يؤذي المسؤول وإلا حرم اتفاقاً‏.‏

- ‏(‏حم وابن خزيمة‏)‏ في صحيحه ‏(‏والضياء‏)‏ في المختارة ‏(‏عن حبشي‏)‏ بضم الحاء المهملة فموحدة ساكنة فمعجمة بعدها ياء ثقيلة بضبطه ‏(‏ابن جنادة‏)‏ السلولي بفتح المهملة شهد حجة الوداع قال الهيثمي‏:‏ رجاله رجال الصحيح‏.‏

8731 - ‏(‏من سئل باللّه‏)‏ قال بعضهم‏:‏ قوله سأل يجوز كونه بصيغة المجهول وبصيغة المعلوم وقوله باللّه أي بحب اللّه ورضاه ‏[‏ص 146‏]‏ وقوله ‏(‏فأعطى‏)‏ يجوز كونه بصيغة الفاعل أو المفعول أي أعطى السائل ما سأله امتثالاً لآية ‏{‏ويطعمون الطعام على حبه‏}‏ الآية ‏(‏كتب له سبعون حسنة‏)‏ أي إن علم أن السائل لا يصرفه في نحو فسق والظاهر أن المراد بالسبعين التكثير لا التحديد لشيوع استعمال السبعين فيه لاشتمالها على جملة ما هو الأصل من كسور العدد فكأنها العدد بأسره ولا منافاة بين هذا الحديث وقوله تعالى ‏{‏من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها‏}‏ لأن المراد من الآية بيان أقل مراتب الثواب في مقابلة من جاء بحسنة واحدة ولا نهاية لأكثره كما يدلّ عليه ‏{‏ليلة القدر خير من ألف شهر‏}‏‏.‏

- ‏(‏هب عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص وفيه محمد بن مسلم الطائفي أورده الذهبي في الضعفاء وقال‏:‏ ضعفه أحمد ووثقه ابن معين‏.‏

8732 - ‏(‏من سئل عن علم‏)‏ علمه قطعاً وهو علم يحتاج إليه سائل في أمر دينه وقيل ما يلزم عليه تعليمه كمريد الإسلام يقول علمني الإسلام والمفتي في حلال أو حرام وقيل هو علم الشهادتين ‏(‏فكتمه‏)‏ عن أهله ‏(‏ألجمه اللّه يوم القيامة بلجام‏)‏ فارسي معرب ‏(‏من نار‏)‏ أي أدخل في فيه لجاماً من نار مكافأة له على فعله حيث ألجم نفسه بالسكوت في محل الكلام فالحديث خرج على مشاكلة العقوبة للدنب وذلك لأنه سبحانه أخذ الميثاق على الذين أوتوا الكتاب ليبيننه للناس ولا يكتمونه وفيه حث على تعليم العلم لأن تعلم العلم إنما هو لنشره ودعوة الخلق إلى الحق والكاتم يزاول إبطال هذه الحكمة وهو بعيد عن الحكيم المتقن ولهذا كان جزاؤه أن يلجم تشبيهاً له بالحيوان الذي سخر ومنع من قصد ما يريده فإن العالم شأنه دعاء الناس إلى الحق وإرشادهم إلى الصراط المستقيم وقوله بلجام من باب التشبيه لبيانه بقوله من نار على وزان ‏{‏حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر‏}‏ شبه ما يوضع في فيه من النار بلجام في الدابة ولولا ما ذكر من البيان كان استعارة لا تشبيهاً‏.‏

- ‏(‏حم 4 ك عن أبي هريرة‏)‏ قال الترمذي‏:‏ حسن وقال الحاكم‏:‏ على شرطهما وقال المنذري‏:‏ في طرقه كلها مقال إلا أن طريق أبي داود حسن وأشار ابن القطان إلى أن فيه انقطاعاً وللحديث عن أبي هريرة طرق عشرة سردها ابن الجوزي ووهاها، وفي اللسان كالميزان عن العقيلي‏:‏ هذا الحديث لا يعرف إلا لحماد بن محمد وأنه لا يصح اهـ‏.‏ قال الذهبي في الكبائر‏:‏ إسناده صحيح رواه عطاء عن أبي هريرة وأشار بذلك إلى أن رجاله ثقات لكن فيه انقطاع وساقه البيضاوي في تفسيره بلفظ من كتم علماً عن أهله قال الولي العراقي‏:‏ ولم أجده هكذا‏.‏

8733 - ‏(‏من سب العرب فأولئك‏)‏ أي السابون ‏(‏هم المشركون باللّه‏)‏ أي بسبهم لكون النبي صلى اللّه عليه وسلم منهم أو نحو ذلك مما يقتضي طعناً في الشريعة أو نقصاً في ما جاء به صلى اللّه عليه وسلم وقال بعض علماء الروم‏:‏ المراد من سب جنس العرب من حيث إنهم عرب فإنه حينئذ كافر لأن الأنبياء منهم فسب الجنس يستلزم سبهم وسبهم كفر ويؤيده خبر حب العرب إيمان وبغضهم كفر والضمير المستتر في سب يعود إلى من باعتبار اللفظ والجمع في اسم الإشارة والضمير في فأولئك هم المشركون عبارة عن من باعتبار المعنى والفاء في قوله فأولئك لتضمن معنى الشرط وضمير الفصل في هم المشركون لتأكيد إفادة الحصر للمبالغة‏.‏

- ‏(‏هب‏)‏ من حديث مطرف بن مغفل عن ثابت البناني ‏(‏عن عمر‏)‏ بن الخطاب وظاهر صنيع المصف أن البيهقي خرجه وأقره والأمر بخلافه فإنه عقبه ببيان حاله فقال‏:‏ تفرد به مغفل هذا وهو منكر بهذا الإسناد، هذا لفظه وفي كلام الذهبي إشارة إلى أن هذا الخبر موضوع فإنه قال في الضعفاء والمناكير‏:‏ مطرف بن مغفل عن ثابت له حديث موضوع ثم رأيته صرح بذلك في الميزان فقال‏:‏ مطرف بن مغفل له حديث موضوع ثم ساق هذا الخبر بعينه‏.‏

8734 - ‏(‏من سب أصحابي‏)‏ أي شتمهم ‏(‏فعليه لعنة اللّه والملائكة والناس‏)‏ أي الطرد والبعد عن مواطن الأبرار ومنازل ‏[‏ص 147‏]‏ الأخيار والسب والدعاء من الخلق ‏(‏أجمعين‏)‏ تأكيد لمن سب أو الناس فقط أي كلهم وهذا شامل لمن لابس القتل منهم لأنهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون فسبهم كبيرة ونسبتهم إلى الضلال أو الكفر كفر‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس‏)‏ رمز لحسنه قال الهيثمي‏:‏ فيه عبد اللّه بن خراش وهو ضعيف‏.‏

8735 - ‏(‏من سب الأنبياء قتل‏)‏ لانتهاكه حرمة من أرسلهم واستخفافه بحقه وذلك كفر قال القيصري‏:‏ إيذاء الأنبياء بسبب أو غيره كعيب شيء منهم كفر حتى من قال في النبي ثوبه وسخ يريد بذلك عيبه قتل كفراً لا حداً ولا تقبل توبته عند جمع من العلماء وقبلها الشافعية ‏(‏ومن سب أصحابي جلد‏)‏ تعزيراً ولا يقتل خلافاً لبعض المالكية ولبعض منا في ساب الشيخين ولبعض فيهما والحسنين‏.‏

- ‏(‏طب‏)‏ وكذا الأوسط والصغير ‏(‏عن علي‏)‏ أمير المؤمنين وفيه عبيد اللّه العمري شيخ الطبراني قال في الميزان‏:‏ رماه النسائي بالكذب قال في اللسان‏:‏ ومن مناكيره هذا الخبر وساقه ثم قال‏:‏ رواته كلهم ثقات إلا العمري‏.‏

8736 - ‏(‏من سب علياً‏)‏ بن أبي طالب ‏(‏فقد سبني فقد سب اللّه‏)‏ ومن سب اللّه فهو أعظم الأشقياء، وفيه إشارة إلى كمال الاتحاد بين المصطفى والمرتضى بحيث أن محبة الواحد توجب محبة الآخر وبغضه يوجب بغضه ولا يلزم منه تفضيل عليّ على الشيخين لما بين في علم الكلام وقد أساء بعض علماء الروم الأدب مع الحضرة الإلهية حيث قال‏:‏ فيه إشارة إلى كمال المناسبة والاتحاد بين هؤلاء الثلاثة وأستغفر اللّه من حكايته‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في فضائل الصحابة من حديث أبي عبيد اللّه الجدلي ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ قال الجدلي‏:‏ دخلت على أم سلمة فقالت أيسب رسول فيكم فقلت سبحان اللّه قالت سمعته يقول فذكرته قال الحاكم‏:‏ صحيح قال الذهبي‏:‏ والجدلي وثق وقال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد رجال الصحيح غير أبي عبد اللّه الجدلي وهو ثقة‏.‏

8737 - ‏(‏من سبح سبحة الضحى‏)‏ أي صلى صلاتها وذكر اللّه تعالى وقتها وداوم على ذلك ‏(‏حولاً مجرَّماً‏)‏ بالجيم كمعظم بضبط المصنف أي حولاً تاماً ‏(‏كتب اللّه له براءة من النار‏)‏ أي خلاصاً من النار بسبب اشتغاله بذلك في ذلك الوقت ودوامه عليه وإنما خصه وقت انتشار الناس في المعاش والغفلة عن ذكر اللّه وعن الصلاة ولأن فيه كلم موسى ربه وألقى السحرة سجداً كما نقل عن البيضاوي‏.‏

- ‏(‏سمويه عن سعد‏)‏ بن أبي وقاص‏.‏

8738 - ‏(‏من سبح‏)‏ أي قال سبحان اللّه ‏(‏في‏)‏ دبر ‏(‏صلاة الغداة‏)‏ أي عقب فراغه من الصبح وظاهر التقييد بها أن ذلك من خواصها فلا يحصل الموعود به على قول ما يأتي بقوله عقب غيرها ويحتمل أنه قيد اتفاقي ‏(‏مئة تسبيحة‏)‏ بأ، قال سبحان اللّه ثلاثة وثلاثين والحمد للّه ثلاثة وثلاثين واللّه أكبر كذلك ولا إله إلا اللّه مرة فيكون المجموع مئة مرة وعبر عنه بالتسبيح أوله من تسمية الكل باسم جزئه ‏(‏وهلل‏)‏ أي قال لا إله إلا اللّه ‏(‏مئة تهليلة غفر له ذنوبه‏)‏ بهذا الشرط وهو من سبح والظاهر أن المراد الصغائر كما مر نظائره غير مرة ‏(‏ولو كانت‏)‏ في الكثرة ‏(‏مثل زبد البحر‏)‏ وهو ما يعلو على وجهه عند هيجانه واختصاص هذه الألفاظ بالذكر واعتبار الأعداد المعينة بحكمة تخصها لا يطلع ‏[‏ص 148‏]‏ عليها إلا من خصه اللّه بمعرفة أسرار الحروف التي تركب منها هذا الذكر ومراتب قولها وسئل ابن حجر هل تحصل سنة التسبيح والتكبير المسنون دبر الصلاة بذكرها مفرقة فأجاب بأنه يجوز الضم بأن يقول سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلا اللّه واللّه أكبر ويغررها كذلك ويجوز التفريق بأن يقول سبحان اللّه حتى يتم العدد وهكذا والأفضل التفريق لزيادة العمل فيه بحركة الأصابع بالعدد‏.‏